تبدو تجربة الفنان التشكيلي أسعد بو ناشي... بأبعادها الإنسانية ذات طابع جمالي متواصل بشكل متواصل مع الحياة، وذلك عبر رؤى تشكيلية تعبر عن الإنسان في أشكاله وحالاته المتنوعة.
وعلى هذا الأساس جاء معرضه «الرحلة» الذي افتتحه الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة والفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور بدر الدويش.
في متحف الفن الحديث، وكانت الرؤى في مجمل الأعمال معتمدة اعتمادا كاملا على البورتريه الذي يجسد- في أغلب الحالات- الملامح الإنسانية بكل ما تعنيه من تنوع وحضور.
ومن خلال البورتريه الذي تجسدت فيه الملامح- المرأة والرجل- تمكن بو ناشي من التأكيد على تجربته، بالتنقل الواثق من ملمح إلى آخر في متوالية إنسانية متعددة الجوانب والوجوه.
وإن المشاعر التي رصدتها ريشة بو ناشي كانت متحيزة- بشدة- إلى الإنسان الذي يرى فيه القيمة الحقيقية للوجود، وفي هذا السياق الفني، عمد بوناشي إلى توضيح فكرته من خلال ما تعبر عنه البورتريهات المرصودة من مشاعر سعادة حزن خوف قلق تمرد رفض استسلام، إلى جانب رصد ملامح تدل على حقب زمنية موغلة في القدم، وملامح حاضرة بيننا وأخرى تشير إلى المستبل.
وبفضل هذه الرؤى الزمنية للبورتريهات... استطاع بو ناشي أن يؤسس لمدلولاته الفنية خصوصية، عن على أكبر قدر من الحساسية تجاه الملامح الإنسانية.
ويتبني أفكار بو ناشي التشكيلية... الكثير من الإيحاءات، تلك التي تناوش الواقع بقدر كثيف من الخيال، وتتحرك في أكثر من اتجاه، عبر ممرات إنسانية متشعبة، وصعبة الوصول إليها.
وتتمدد تجربة بوناشي على أسطح اللوحات لتصل إلى مستويات ذات أنساق فنية مفعمة بالحيوية والحركة، ومتضامنة مع الإنسان والحياة معا.
هكذا رصدت ريشة بوناشي في مزاج خاص كليو باترا وعشتار وغيشا ونيكول... والعديد من الشخصيات التاريخ، باسلوب اتسم بالخصوصية.
وكما يرى بوناشي... فإنه يسعى في معرضه إلى دراسة الجنس البشري تشكيليا من خلال التعبير الرمزي عن الانفعالات والحالات، والتفاعلات وغيرها، وذلك من أجل الوصول إلى بعض الحقائق والرؤى المختلفة.
وجاء المعرض تواصلا مع تجربة الفنان السابقة من خلال معرضه (الجذور) الذي اقيم السنة الماضية وقدم فيه بوناشي مجموعة جديدة من البورتريهات المتنوعة التي ظهر فيها جل انتاجه الابداعي والتي يرىانها تؤسس لقواعد انطلاقة فنية تشكيلية مهمة في مسيرته.
وقال الفنان اسعد بوناشي في تصريح صحافي: «ان معرض (الرحلة) جزء من ثلاثة معارض فنية تحت سقف واحد وهي(التطور البشري) والتي تعد دراسة لنظرية التطور بصورة علمية وفنية معا في محاولة لفهم حقيقة بداية الانسان والثاني بعنوان (ولادة المجرات) وهي دراسة في الفلك والمجرات بلوحات مبتكرة على اسس علمية ومحاولة الاجابة عن سؤال كيف بدأ الكون. وان المعرض الثالث هو عبارة عن (فيديو ارت) مصاحب لمجموعة من الاعمال المركبة تثير عمق التفكير في البحث عن اجابات منطقية للتساؤلات عن البداية».
وأكد بوناشي ان معرضه هذا يرتبط بالمعارض السابقة له في رؤية سبل التفكير والبحث عن الاصول ومعالجة علمية لافكار حديثة مستمدة من تراكم الكثير من الاوراق والاستكشافات القديمة والابحاث.
وولد الفنان التشكيلي أسعد بوناشي في عام 1975. وبدأ حياته الفنية منذ سن مبكرة في فصول مدارس الكويت الحكومية، وبدأت قدراته الفنية تبرز تدريجيا وتُكتشف في مهرجانات المدارس والملتقيات الفنية، حمل فلسفة الخطوط العشوائية والمتحررة في بداية السلم الفني، وفور تخرجه في الثانوية التحق بكلية التربية الأساسية عام 1992، فأخذت دائرة الفن بالتوسع في مدركاته على أيدي أساتذة كبار، منهم الدكتور محمد رياض والدكتور عصام عرفة. تأثر بفكر المدرسة السريالية تأثيرا ملحوظا، وبلور هذا التأثر بالدراسات الفنية، فوجه جل اهتمامه بالسريالية ودراسة أعمال سلفادور دالي وماغريت وهيرونيموس كرموز رئيسية في هذا الفن، وانعكس هذا الفكر على أعماله في المعرض الأول [2] المقام في قاعة الفنون التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في عام 2002، والذي قدمه بعد تخرجه وحصوله على شهادة البكالوريوس بثلاث سنوات.
