الثلاثاء، 5 يونيو 2012

التخطيط الاستراتيجي لبناء العمل الفني


كم من الأفكار التي طرت في أذهاننا  وتبلورت , ثم مرت مرور الكرام وتلاشت ,والسبب يعود إلى عدم معرفة السيطرة وخطوات التنفيذ .من خلال المشاهدات لحركة للتطور الفكري الإداري, و نضوج الأفكار الحديثة في إدارة الشخصية , ومن خلال ما وصلت إليه النظريات التحفيزية لتطوير رؤية الإبداع , ووضع قوانين تساهم في توصيل الإنسان إلى أهدافه بسهولة, لا بد أن يكون  للفن والإبداع نصيب في هذا التطور الفكري , ومسألة الإبداع تعتمد بشكل كبير على الإدارة من خلال بعض النقاط البسيطة التي يمكن أن توصل المبدع إلى مرحلة الإشباع الذاتي , فيكون الهدف هو التوصل إلى فكرة جديدة متنورة , و رسالة واضحة ومنظمة وذات أسس وقواعد يمكن أن تغير وتزيد الحياة إبداعا , و تضيف رؤية جديدة لم يسبق أحدا أن توغل فيها أو فكر فيها , وهذا الهدف يحتاج إلى مجموعة من الخطوات التي تسهل العمل وتفرش الطريق للمضي من خلاله من دون الوقوع في أخطاء عملية , والسيطرة على الوقت ويعد هذا العنصر مهم جدا للمبدعين الذين يعملون للمشاركة في معرض او منافسة محدودة في وقت زمني .
إضافة تسمية توضيحية



قد تكون الأفكار يصعب السيطرة على صناعتها في أي وقت نريد , وهي كثيرة, لكن تأتي في لحظات ان لم ندونها او ننميها ونحافظ عليها ستذهب في مهب الريح ,وهي كأمطار الشتاء تمطر في زمن غير معلوم ,وعلى بقعة غير متوقعة ,ثم تذهب لذا نرى العديد من المبدعين والمؤلفين والمفكرين يحملون كراسة اسكتش بوك صغيرة في جيبهم طوال الوقت, والهدف منها  اصطياد هذه الأفكار ,والاستفادة منها للتحقيق الأهداف . لكن مرحلة التنفيذ بحاجة إلى تحليل ودراسة وتفكير عميق وخطوات أساسية للعمل .
وهذا ما حصل بالفعل فمنذ أيام قليلة جاء لي صديق قديم يسألني عن خدمة وهي توفير عناصر  للمشاركة في معرض للتصوير الفوتو غرافي  , و كانت الفكرة جميلة للتنفيذ لكن الوقت لم يكن مناسبا لتحقيقها بالرغم من توفر العناصر الأساسية للمشروع الذي سيشارك فيه , وهنا تقع المشكلة في عدم إدراك خطوات التنفيذ وعدم وجود خطة إستراتيجية العمل أدى إلى عدم المشاركة , في هذه الحالة يجب ان تتذكر أننا نملك الأفكار لكننا لا نملك الوقت , ومن هنا نقف نتأمل في الكم الكبير من الأفكار التي تغلب بها علينا الوقت ,لكن عندما تكون هناك دراسة بسيطة للعمل ووضح خطة إستراتيجية محكمة يمكن من خلالها السيطرة على الوقت وتنفيذ العمل بسهولة .
المفهوم الدارج في الخطة الإستراتيجية الإدارية هو عملية قوامها الإبداع لكن يمكن إن نقدم تعريفا اقرب من الناحية الإبداعية في الأعمال الفنية و المشاريع الفكرية  بشكل ابسط وهي " رؤية مستقبلية لتنفيذ عمل ما عن طريق مجموعة من الخطوات التي يمكن من خلالها الوصول الى عمل متقن  بأسلوب سهل ووقت محسوم "
ومن خلال هذا التعريف نجد إن أهداف الخطة الإستراتيجية للبناء العمل هي تسهيل الطرق للوصول الى تحقيق الأهداف .
وهناك أكثر من منهجية صنفت في مجال التخطيط الإستراتيجية  لكن سنعتمد من خلال هذه الدراسة على  منهجية " الطموح المستقبلي " وهي ذات ستة نقاط يمكن من خلالها عمل خطة مدروسة للعمل وذات نتائج فعالة سنقوم بشرح النقاط ونستعين بمثال عمل معرض شخصي لفنان تشكيلي .


أولا : مرحلة الأعداد والتحضير . 
 وهي تحمل خطوات الخطة ,وعمل هيكلة من البداية إلى النهاية ,ويمكن أن تكون شبه خريطة ذهنية لخطة العمل ,وتحمل التسلسل الذي سيقوم به الفنان التشكيلي من الفكرة ,و دراسة سابقة للاعمال, والإسكتشات ,واختيار وحجز القاعة, وبطاقات الدعوة,والكتالوج ,والأعلام وتغطية الصحف ,ويتم تدوين  كل السلسلة في صفحة واحدة بشكل مبسط  كمسودة لدراسة الخطة.

ثانيا :مرحلة تشخيص الوضع الراهن 
 وهي دراسة مبسطة للفكرة أن كانت مناسبة  للوضع الراهن والمعارض المقامة حاليا والسابقة المحلية ونظرة بسيطة للمعارض المعاصرة التي عرضت مؤخرا عن طريق النت .


ثالثا :مرحلة المقارنة والتحليل .
 من خلال هذه المرحلة يتم جمع الافكار ومقارنتها في سابقيها من المعارض المشابهة في المضمون , ومعرفة المعارض المقاربة للتوجه وهل نجحت في توصيل الرسالة ؟ وان كانت قد فشلت ولم يحصل الفنان على اهتمام فأين يعود الخطأ؟ .. والعديد من الأسئلة التي تحدد مدى نجاح العملية مثل الفكرة لم تكن جديدة و استخدام مواد مكررة  أو لم يكن لها تغطية إعلامية ممتازة والظروف التي أدت إلى ذالك .
رابعاً: السيناريوهات المستقبلية.
 وهنا يمكن  معرفة السيناريو والطريق الذي يحتمل حدوثه في المستقبل من ظروف سواء توفير الامكانيات و تحديد شكل الكتالوج وتصميم البطاقات و اختيار الوقت المناسب للبدء بالعمل ونضرب مثال على هذا لو أن الفنان قدم أعمال في شهر يوليو وهو شهر من المعروف أن يكون أغلب الجمهور خارج الكويت,لذا يجب الحرص على اختيار الشهر المناسب للعرض وأكثر عدد من الجمهور متوفر .
خامساً: الخطة الإستراتيجية
يتطلب بناء إستراتيجية متماسكة، التعرف على  خطوات  نشر الفكرة , مثل مكان العرض ومدى أهميته في المنطقة , كما يتطلب تحديد رؤية طموحة و رسالة ووضع الأهداف الشخصية إن كانت مادية أو توصيل فكرة أو نشر مفهوم جديد, وتحديد و تعيين الخيارات المناسبة التي تساعد على تحقيق الأهداف و حصر الفجوات.
سادساً: الخطة التنفيذية.
في هذه المرحلة من الخطة يتم فيها صياغة البرامج التنفيذية المناسبة للإستراتيجية وتحقيق الأهداف المرجوة منها. كما يتم  وضع إطار عام لتنفيذ الإستراتيجية وخارطة طريق لتنفيذها بصورة مرحلية والتأكد من تحقق نتائجها، وإعداد نظام لمراقبة تطور التنفيذ , وهنا يمكن للفنان وضع جدول لخطوات العمل مثل الرسم أو النحت وتحديد عدد اللوحات والمدة التي يمكن من خلالها تنفيذه كافة الإعمال , وتحديد نقطة النهاية قبل افتتاح المعرض بفترة إسبوع أو أكثر.
بقلم الفنان التشكيلي أسعد بوناشي

هناك تعليق واحد:

زيد خروفة يقول...

موضوع جميل جدا